بيان لطيف حول القضاء والقدر
بسم الله الرحمن الرحيم , اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما اغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي الى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم, وبعد: إن الذى يجب ان يعرف فى معنى القضاء والقدر هو ان القضاء هو إيجاد جميع الموجودات فى اللوح المحفوظ إجمالاً لا تفصيلاً , والقدر هو وقوع الاشياء فى أوقاتها بالتفصيل , فالقضاء هو الإرادة الأزلية , والقدر تعلق الاشياء بتلك الإرادة , قال الامام ابو حنيفه :إحداث الاستطاعة فى العبد فعل الله وأستعمال الاستطاعة المحدثة فعل العبد حقيقة لا مجازاً- وهو ما عليه أهل السنة والجماعة حيث انهم توسطوا لم ينفوا الاختيار عن أنفسهم بالكلية مثل الجبرية ولم ينفوا القضاء والقدر عن الله بالكلية كالقدرية , بل قالوا :أفعال العباد من الله من جهة ومن العبد من وجه , وللعبد اختيار فى إيجاد أفعاله.
وقال الشيخ محمد الحجار: من اسماء الله تعالى الحكيم العليم والفرق بين الاسمين من حيث هو ان حكمة الحكيم لها الجعل فى ترتيب الامور , والعليم ليس كذالك , ولا أثر للعلم فى المعلوم لأنه تابع له, والحكمة حكمت فى الامور ان تكون هكذا , فثبت الترتيب فى اعيان الممكنات فى حال ثبوتها قبل إيجادها فى الزمن والحال , وهذا العلم أنفرد به الحق تعالى . فتعلق به علم العليم على حسب ترتيب الحكيم , والذى صير المعلوم معلوما هو الحكيم , والذى صير العالم عالماً هو المعلوم. وما يبدل القول لدى العليم فيما يقول إلا ما رتبته الحكمة , فيقول للشىء كن فيكون , ويتعلق حكم القضاء والقدر فيما رتبه الحكيم , قضية مقضية ومطوية تفتح فى حينها وتنفذ فى صور الاسباب والمسببات , فالقضاء حكم الله تعالى على ما عليه الاشياء , والقدر توقيت الحكم وكل شىء بقضاء وقدر".
وكل ما ظهر فى الوجود هو فى قبضة الحكمة ,فكل من تزين بالحكمة ورضى بأمر الله تعالى زال عنه الهم والغم والسخط لقوله تعالى يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتى خيراً كثيرا) حيث قام بالتسليم فى الامور والرضى بها لقوله تعالى وأفوض امرى الى الله إن الله بصير بالعباد) وهذا حكم الحكمة لمن عقل عن الله. والانسان لا يخرج عن قضاء الله وقدره وهو دائما فى اربع أشياء , قضاء الطاعات ,قضاء المعاصى , قضاء النعم . قضاء البلاء والشدائد, ولكل منها ما يناسبها فى تأدية حقها . والحمد لله رب العالمين.
|